ملاحظات على قانون صندوق المشروعات الصغيره
هناك خلل منهجي في آلية عمل المحافظ المدعومة من الهيئة العامة للاستثمار لتمويل المشاريع الصغيرة. فعندما نقارن المبالغ المخصصة من قبل الهيئة العامة للاستثمار والمبالغ المستثمرة من قبل الجهات المختصة باستثمارها، نجد أن الأهداف الاقتصادية لمبادرة دعم المشاريع الصغيرة لم تحقق المستوى المطلوب. والسبب هو قلة المشاريع الممولة مقارنة بالمبالغ المخصصة. فبرأينا يكمن الخلل في شروط التمويل وآلياته بشكل رئيسي، فنجد على سبيل المثال:
● بيروقراطية الحصول على الموافقات اللازمة وبالأخص للمشاريع غير التقليدية (non-traditional startups).
● التحفظ الزائد والتدخل في ادارة المشاريع بعد التمويل.
● شرط التفرغ التام قبل البدء بالمشروع دون القبول بإجازة تفرغ.
● شرط تحمل المبادر نسبة %20 على الأقل من رأسمال المشروع دون النظر إلى المبلغ المطلوب.
لكن ما الحل؟ الحل باعتقادنا يكمن في تحديث أهداف وآليات واستراتيجيات تمويل المشاريع لتأخذ أحد منحيين: فإمّا إعادة النظر في الشروط وتسهيلها لتمويل عدد أكبر من المشاريع، وإمّا اعطاء المبادرين الممولين استقلالية أكبر في اتخاذ القرار وتخفيض المبالغ المخصصة من قبل الهيئة لتمويلهم.
كما نجد خللا منهجيا في متطلب دراسة الجدوى، حيث تم اعتماد المكاتب العالمية فقط لعمل الدراسة. ويكمن الخلل بأن هذه المكاتب تصب اهتمامها ومواردها في دراسات لمشاريع كبرى، مما يضعف المخرجات لدراسات المشاريع الصغيرة.
ونود الاشارة هنا إلى المقترح بقانون الصندوق الوطني لرعاية ودعم المشروعات الصغيرة. وفي البداية نود ان نشكر النائب مرزوق الغانم رئيس اللجنة المالية في مجلس الأمة على جهوده المبذولة لأخذ رأي المبادرين بالمشروع. السلطة التشريعية للدولة والمتمثلة في مجلس الأمة تحاول اصلاح أوجه الخلل في دعم تنمية المشاريع الصغيرة. ومع أننا نشيد بأهداف القانون المقترح، غير أنه لا يعالج جميع أوجه الخلل الموجودة حاليا. فنحن نرى أوجه الخلل الآتية:
طريقة معالجة شرط التفرغ وطريقة توفير المواقع والأراضي للمشاريع وآلية تقديم المساندة الفنية والخدمات للمبادرين وتنويع الأنشطة التي تمولها المحفظة وشروط وقانونيات التأسيس وطرق وأدوات التمويل.
وتتطلب الشروط الحالية للتمويل تفرغ المبادر فور حصوله على تمويل لمشروعه. وكان شرط التفرغ من أهم العوائق التي واجهت المبادرين لتخوفهم من ترك وظيفتهم من دون الـتأكد من قابلية المشروع للنجاح.
وقد حاول مقترح القانون اصلاح هذا الخلل من دون الوصول إلى الحل الأمثل من وجهة نظرنا. فنحن نقترح ربط التفرغ بنوعية نشاط المشروع ورأس المال المطلوب. فعلى سبيل المثال:
● لا يشترط التفرغ للمشاريع التي تقل قيمة أصولها عن 50 الف دينار والتي تكون ذات أنشطة حرفية أو بسيطة.
> يشترط التفرغ بعد فترة سماح للمشاريع التي تتراوح قيمة أصولها بين 50 الف دينار و150 الف دينار والتي تكون ذات أنشطة تتطلب تفرغ المبادر في فترة لاحقة.
● يشترط التفرغ الفوري للمشاريع التي تزيد قيمة أصولها على 150 الف دينار والتي تتطلب خبرة المبادر لإدارتها.
فعند استخدام هذه التقسيمة، استطعنا وضع حل أفضل للدمج بين متطلبات نجاح المشروع من الناحية الادارية وتحفظ المبادرين من ترك وظائفهم.
ويشترط القانون المقترح توفير أراض لاحتضان مشاريع المبادرين. ونحن نتوقع أن تلاقي هذه الفكرة قبولا عند الكثير من المبادرين، لكنها لن تطابق متطلبات شريحة منهم والتي تعتمد مشاريعها على الشريحة الاستهلاكية كزبائن مثل المطاعم والمقاهي ومحلات الملابس. فهؤلاء يستفيدون أكثر لو خصصت الجمعيات التعاونية في مناطق الكويت السكنية بعض المحلات لهم من دون طلب مبالغ هائلة للخلوات. فنقترح التنسيق مع اتحاد الجمعيات لتوفير عدد معين من المواقع في الجمعيات من دون خلو وبإيجارات محددة سلفا للمشاريع الممولة تحت مظلة القانون.
كما يتطرق القانون المقترح لبعض أدوات الدعم الفني والمساندة للمبادرين من دون تحديد الآلية أو تعدد الأدوات. فمن واقع خبرتنا في مساندة المبادرين يحتاج الكثير منهم للخدمات الآتية: تحليل الشركات المنافسة وتحديد مواصفات وحجم الشريحة المستهدفة وقوتها الشرائية والتسويق وادارة العلاقات العامة وصياغة خطة عمل متكاملة لكيفية تأسيس وادارة المشروع والاستشارات القانونية والادارية والمحاسبية وتوفير الكوادر البشرية المتخصصة التي قد يحتاج اليها المشروع، فمثلا يحتاج أصحاب المواقع الالكترونية التجارية لمبرمجي ومطوري مواقع.
وعليه فنحن نقترح التعاقد مع شركات متخصصة في تقديم هذه الخدمات من القطاع الخاص بدلا من الاعتماد على موظفي الصندوق نفسه وذلك لزيادة المحسوبية من حيث الأداء وتنمية القطاع الخاص من الاقتصاد الوطني والتفرقة ما بين الجهة الممولة للمشروع والجهات المنفذة له لتفادي تضارب المصالح وتظلم المبادرين.
عبدالرحمن جاسم القطان
الرئيس التنفيذي لـ: شركة كيوبيكال سيرفسيز