مقابلة مدير المعهد العربي للتخطيط حول المشروعات الصغيرة والمتوسطة
في ترجمة فعلية لمبادرة صاحب السمو أمير البلاد الهادفة لتعزيز دور المشروعات الصغيرة تبدأ اليوم فعاليات اجتماع الخبراء الاقليمي الذي ينظم المعهد العربي للتخطيط اعماله بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) والأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وبمشاركة أكثر من 75 مشاركا من الكويت وعموم المنطقة العربية، بالاضافة الى أكثر من 30 مؤسسة ومنظمة عربية ودولية.
كما يشارك في هذه الفعالية وخبراء عرب وأجانب من أهل الاختصاص، ومشتغلون شباب متخصصون في ادارة وتشغيل المشروعات حيث يهدف الاجتماع الى استطلاع آراء الخبراء والمعنيين بأوضاع المشروعات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة والتوصل الى أفضل الصيغ والنماذج التنموية في ادارة وتشغيل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والأخذ بالنماذج والأساليب المستجدة في التعامل مع هذه النوعية من المشروعات الاقتصادية الحيوية.
وفي لقاء معه حول هذا الاجتماع اكد مدير عام المعهد العربي للتخطيط بدر مال الله ان مبادرة صاحب السمو أمير البلاد في مؤتمر القمة الاقتصادية العربية التي عقدت في الكويت سطرت تاريخا لمرحلة جديدة في مسار تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة لافتا مال الله الى ان المشروعات الصغيرة والمتوسطة من اهم مداخل اصلاح الاقتصاد الكويتي وتنشيطه وخلق فرص عمل لحل مشكلة البطالة وتقليص دور الدولة كما اشار في نص اللقاء ان المشروعات الصغيرة والمتوسطة تشكل نحو %91 من اجمالي عدد المشاريع الصناعية على المستوى العالم و%78 من نسبة تشغيل العاملين و%51 من الناتج الصناعي في الدول المتقدمة.
وعليه اكد بدر مال الله على اهمية هذا الاجتماع الذي يجمع على مائدة البحث خبراء من ذوي الاختصاص في تخصصات مختلفة من المنطقة العربية وما يؤدي اليه من تبادل للخبرات من خلال اوراق العمل المطروحة وما ينتج عنه من افكار تنعكس ايجابا على الاقتصاد الكويتي بشكل عام سيما في مجال المشروعات الصغيرة.
والى ذلك شدد مال الله على ماتعكسه الرعاية السامية من سمو امير البلاد لهذا الاجتماع من اهتمام القيادة الكويتية في دفع عجلة التنمية العربية.
وفيما يأتي اللقاء مع مدير عام المعهد العربي للتخطيط بدر مال الله:
– كيف بدأت فكرة الدعوة لاجتماع الخبراء الاقليمي حول المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟
– بداية أود ان اشكر صاحب السمو أمير البلاد على رعايته السامية لاجتماع الخبراء الاقليمي حول المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودورها في التنمية المستدامة في المنطقة العربية والذي يعتبر تجسيداً لتوجيهات سموه في الدفع بعجلة التنمية العربية نحو الرقي والتقدم، ومواجهة التحديات الماثلة أمام تحقيق الأهداف المنشودة، وكان صاحب السمو الأمير قد أعلن في مؤتمر القمة الاقتصادي العربي عام 2009 عن مبادرته الريادية تجاه شباب الأمة العربية، والتي تمثلت في انشاء الحساب الخاص للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الذي اعتمدته القمة، وساهمت الكويت في رأسماله بـ500 مليون دولار، ويقوم الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي بادارته.
ولابد ان أوضح ان مبادرة صاحب السمو برعاية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الوقت الراهن قد جاءت متزامنه ومتفقه مع اهتمام مخططي السياسات الاقتصادية والاجتماعية في دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء، بالاضافة لوجود اتجاه عالمي متسارع لدعم ومساندة هذه المشروعات، لما لها من دور حيوي وجوهري في تحقيق الأهداف، والوصول الى مستويات متقدمة ورفاهية عالية، ناهيك عن ان المشروعات الصغيرة هي النمط الغالب في القطاع التجاري والخدمات غير المالية، حيث تشكل %97 من اجمالي المشروعات في هذين القطاعيين.
ومن هنا كانت فكرة تنظيم اجتماع الخبراء الاقليمي كترجمة فعلية لمبادرة صاحب السمو أمير البلاد الهادفة لتعزيز دور المشروعات الصغيرة وذلك بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) – الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، حيث حرصنا ان تكون المشاركة على قدر الحدث ولذلك سيشارك اليوم في الاجتماع الذي سيتم على مدار يومين أكثر من 75 مشاركا من الكويت وعموم المنطقة العربية، بالاضافة الى أكثر من 30 مؤسسة ومنظمة عربية ودولية، وخبراء عرب وأجانب من أهل الاختصاص، ومشتغلين شباب متخصصين في ادارة وتشغيل المشروعات. وسبب هذه المشاركة العريضة يكمن في الاهتمام العالمي بصفة عامة والاقليمي بصفة خاصة بتكوين قاعدة معلوماتية متينة تؤسس لعمل علمي ممنهج ورصين في مجال ادارة وتشغيل المشروعات، يعمل على رفع مستوى أداء قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويعزز القاعدة الانتاجية للاقتصاديات في المنطقة العربية.
– ما أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومدى تأثيرها في اقتصاديات الدول؟
– لقد حققت المشروعات الصغيرة والمتوسطة نتائج ملموسة في الانماء الاقتصادي والاجتماعي بالعديد من الدول وذلك في عدة جوانب يأتي في مقدمتها تعبئة الموارد البشرية، واستيعاب نسبة كبيرة منها في مختلف القطاعات الاقتصادية والحد من ظاهرة البطالة، اضافة الى قدرة هذه المشروعات الاقتصادية في احداث التحول في علاقات وقيم العمل والانتاج، ورفد الاقتصاد الوطني بمشروعات اقتصادية تقع في نطاق اعمال التشغيل الحرة القائمة في الكثير منها على نماذج الابتكار والتجديد اضافة الى دورها في تحقيق المنافسة الاقتصادية واحداث التراكم الرأسي للاقتصاد الوطني.
وتشير الاحصاءات المتاحة لعام 2011 ان نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة باتت تشكل نحو %91 من اجمالي عدد المشاريع الصناعية على المستوى العالمي، ونحو %78 من نسبة تشغيل العاملين، و%51 من الناتج الصناعي في الدول المتقدمة. أما في نطاق الدول الأقل نموا، كما في الدول الآسيوية، فانها تشكل %33 من مجموع القيمة المضافة باستثناء اليابان وكوريا الجنوبية.
ولقد قامت العديد من الدول بمنح حوافز واعفاءات لتأسيس المزيد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة تلك التي تعتمد على اقتصاديات المعرفة، وانشاء العديد من الهيئات والمؤسسات الاشرافية لتطوير وابتكار هياكل وبرامج للاقراض والمساعدات المالية والتقنية، لضمان نجاحها ومساهمتها في الناتج الداخلي الخام.
فعلى سبيل المثال توجد في كندا ثلاثة منظمات لمساعدة المواطنين على تمويل مشروعاتهم بالقروض أو لضمانها، وهي صندوق المشروعات الصغيرة، وشركة التنمية الصناعية، والبنك الفيدرالي لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة. أما في المنطقة الآسيوية يحقق النموذج الياباني في التعامل مع هذه المشروعات نجاحا باهرا سواء من حيث سلاسة الاجراءات لتأسيس المشروعات الجديدة، أو من حيث التشجيع وسن القوانين للجمعيات التعاونية والمهنية بغية زيادة وتوفير أدوات الانتاج، أو من حيث التدريب واعداد وتأهيل الموارد البشرية القائمة على تشغيل وادارة هذه المشروعات. وفي المنطقة العربية لم يحظ هذا القطاع بعد بالعناية والاهتمام اللازم على الرغم من وجوده ضمن أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العديد من الدول.
– ما أبرز التحديات والمعوقات التي تواجه قطاع المشروعات الصغير والمتوسطة؟
– على الرغم من التطور الملحوظ الذي عرفه قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال العقود الـ4 الماضية، والدور الريادي الذي يمكن ان تلعبه في تحريك وتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الا ان هناك الكثير من العوائق والصعوبات التي تحد من نجاحها وتقدمها وريادتها للاقتصاديات في منطقتنا العربية منها:
عدم كفاية عنصر التمويل في تحقيق اهداف هذه النوعية من المشروعات الاقتصادية، العوائق المؤسسية والتي تتمثل في التشريعات واللوائح القانونية وغيرها، والمفاهيم التعليمية والثقافية السائدة في البيئة العربية تجاه العمل الحر وتنمية مهارات العمل الاحترافي، بالاضافة الى العديد من العوائق الاقتصادية والاجتماعية ذات الارتباط الوثيق بالعمل المؤسسي، أو بيئة التمهيد والتأسيس لهذه المشروعات الاقتصادية، أو في جانب آخر مرتبط بطبيعة العلاقة بين القائمين على ادارة وتشغيل هذه المشروعات والمستفيدين منها، اضافة الى جوانب ذات علاقة بعملية الاعداد والتأهيل والتدريب للقائمين والمستفيدين من هذه المشروعات الاقتصادية.
وعلى الرغم من هذه المعوقات والتحديات التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في عالمنا العربي الا أنني أتوقع أنها ستقود قاطرة النمو الاقتصادي العربي وأن تساهم في توفير العديد من فرص العمل اللازمة لمواجهة نمو قوة العمل النمو السكاني المطرد.
– الى أي مدى تعتبر مبادرة صاحب السمو امير البلاد انطلاقة مشجعة لمرحلة جديدة في مسار تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية؟
– مبادرة صاحب السمو أمير البلاد التي أعلن عنها في جلسة الافتتاح لمؤتمر القمة الاقتصادية العربية والتي عقدت في الكويت عام 2009 صادفت وقتها وسطرت تاريخا لمرحلة جديدة في مسار تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية، ولقد كان دعم سموه للحساب الخاص بالمبادرة بمبلغ 500 مليون دولار بحق نقطة تحول في تشجيع ودعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأريد ان أوضح ان هذه الرؤية التنموية الكويتية الموجهة الى الشباب العربي تنبع من حرص دولة الكويت ممثلة بحضرة صاحب السمو الأمير على معالجة أكبر الأزمات التي تواجه الشباب العربي والتي تتمثل في البطالة والتي تشكل عبئاً على الأمة العربية بأسرها. وفي ضوء هذا الاهتمام المتزايد من القيادات ومؤسسات العمل العربية وخصوصا التنموية منها، وكذلك المعنية باعداد وتنمية الموارد البشرية على ضرورة العمل نحو تدارس أفضل الصيغ والنماذج التنموية لادارة المشروعات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة بمختلف جوانبها التشغيلية والتي ترتكز على رؤية متكاملة لدعم وتنمية هذه المشروعات حيث يعد ذلك حجر الأساس في تجاوز كافة العوائق والمحددات التي تعيق نمو هذه المشروعات في الاقتصاديات العربية.
– ما أبرز أهداف اجتماع الخبراء الاقليمي حول المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟
– يهدف الاجتماع الى استطلاع آراء الخبراء والمعنيين بأوضاع المشروعات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، اضافة الى مشاركة المختصين بمؤسسات العمل والاشراف على هذه المشروعات بدول المنطقة العربية والعالم، بغية التعرف على واقع هذه المؤسسات وأوضاع تشغيلها بجوانبها الادارية والتمويلية والتسويقية والقانونية والصعوبات والمحددات التي تواجه القائمين على ادارة وتنفيذ هذه المشروعات وجهات الاشراف والادارة القائمة على انشطتها وأعمالها، والتي قد تحد وتعيق من أداء هذه المؤسسات برسالتها التنموية في المجتمع العربي.
ومن اهم اهداف اجتماع الخبراء الاقليمي هو التوصل الى أفضل الصيغ والنماذج التنموية في ادارة وتشغيل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والأخذ بالنماذج والأساليب المستجدة في التعامل مع هذه النوعية من المشروعات الاقتصادية الحيوية وذلك فيما يتعلق بجوانبها التشغيلية المختلفة.
– ما أبرز المحاور والموضوعات المطروحة للتداول على أجندة اجتماع الخبراء الاقليمي؟
– برنامج الاجتماع تحتوي على سبعة محاور رئيسية للتداول والنقاش، يتناول المحور الأول المشروعات الصغيرة والمتوسطة في اطار التنمية المستدامة، أما المحور الثاني فيطرح التمويل والدعم المؤسسي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويركز المحور الثالث على البيئية القانونية والتنظيمية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويناقش المحور الرابع بناء القدرات في المشروعات الصغيرة والمتوسطة ويلقى الضوء على مؤسسات عربية ودولية داعمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، أما المحور السادس فيشمل عرض لنماذج لجمعيات وروابط مهنية داعمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويتناول المحور السابع والأخير نماذج وتجارب لمشروعات صغيرة ومتوسطة في قطاعات مختلفة في المنطقة العربية.
وتتناول الجلسة الختامية للاجتماع الاطر والمؤسسات الاقليمية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالاضافة الى مناقشة مستفيضة لمحاور الاجتماع بالنقاش الحر والحوار العلمي المستفيض وبما يواكب خبرات وتجارب السادة الخبراء وممثلي الجهات والمؤسسات المشاركة بالاجتماع وذلك وفق المحاور التالية:
– تحليل الأطر المعيارية والمؤسسية الخاصة بالسياسات المتعلقة في ادارة وتشغيل المؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة.
– تبادل الممارسات والخبرات المستفادة في نطاق أعمال هذه المؤسسات.
– البحث عن مقاربة اقليمية وفرص تعاون لدعم وتأسيس وتنمية المشروعات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة النموذجية.
– المستجدات العالمية في جوانب الادارة والتنظيم والتمويل والتسويق للمؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة.
– تدارس بعض النماذج التنموية والتجارب الوطنية الناجحة في تأسيس وادارة، محافظ، صناديق، أجهزة التمويل ذات العلاقة بأنشطة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة والأطر التنظيمية والقانونية القائمة على تنظيم أعمال وادارة هذه المؤسسات.
– ماذا عن نوعية المشاركين في اجتماع الخبراء الاقليمي؟
– يشارك في اجتماع الخبراء الاقليمي نخبة من الخبراء والمعنيين بأوضاع المؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، اضافة الى مجموعة من الاختصاصيين بجهات التمويل والادارة والاشراف والتشغيل لأعمال هذه المؤسسات الاقتصادية بالمنطقة العربية وذلك بهدف استطلاع ارائهم واستعراض الخبرات والتجارب الوطنية وبما يهدف الى تعظيم التفاعل بين المشاركين في اطار القضايا التي تثيرها المحاوروالموضوعات المطروحة للنقاش الحر بين الاطراف المشاركة، حيث ستشارك عدد من المؤسسات والمنظمات بهذا الاجتماع الحيوي من دولة الكويت وعموم المنطقة العربية وممثلين لعدد من الوكالات والمنظمات العربية والدولية، وخبراء عرب ودوليين من ذوي الاختصاص، اضافة الى مشتغلين شباب من اصحاب المشاريع والاختصاص في ادارة وتشغيل هذه المشروعات الاقتصادية.
– بادرتم ببرنامج لدعم المشروعات الصغيرة يلعب دور المكمل للقانون، ما مدى فعالية هذا البرنامج وهل سيساهم في تغيير فلسفة المشروعات الصغيرة في الكويت؟
– البرنامج الوطني لتنمية المشروعات الصغيرة الذي اعده وصممه المعهد العربي للتخطيط له أهمية قصوى، فالمشكلة التي نواجهها والتي يدركها صانع القرار الاقتصادي في البلد هي ان التجربة السابقة للمشروعات الصغيرة لم تحقق النجاح المطلوب على صعيد تعزيز دورهذه المشروعات في النمو الاقتصادي وكرافد من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تساهم في زيادة الطاقة الانتاجية وخلق فرص وظيفية في القطاع الخاص، كما لم تنجح لا في جذب الشباب للاتجاه نحو المبادرات الشخصية ولا في دعم الابداع. ويجب ان ننتبه الى أنه ليس كل مشروع يصلح ليكون ضمن اطار فلسفة المشروعات الصغيرة، ولذا يجب ان تكون لدينا فلسفة واضحة ومحددة للمشروعات الصغيرة تقوم على تنمية قدرات الشباب وتعزيز الأفكار المبدعة التي تخلق مشروعات ذات قدرة تنافسية وأن تكون مرتبطة بالقطاعات الاقتصادية ذات الكفاءة العالية وتعمل على تفعيل الانتاج السلعي والخدمي وتخلق فرص عمل جاذبة للشباب، فالمشروعات الصغيرة التقليدية مثل الكافيهات والمغاسل وصناعة الحلوى لا تشغل عمالة ولا تمثل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وبالتالي لم تكن تجربتنا السابقة عن المشروعات الصغيرة ناجحة. ولكن القانون الجديد للمشروعات الصغيرة هو مبادرة مهمة جدا ارجو ان يتم الاستعجال فيه، فجميع دول العالم المتقدم تعتمد على المشروعات الصغيرة والمتوسطة كجوهر لأنشطتها الاقتصادية ولذلك ارى ان المشروعات الصغيرة من اهم مداخل اصلاح الاقتصاد الكويتي وتنشيطه وخلق فرص عمل لحل مشكلة البطالة وتقليص دور الدولة، وقانون المشروعات الصغيرة يحل مشكلة جوهرية للمشروعات الصغيرة ألا وهي مشكلة التمويل، فهناك ثلاثة مقومات لابد من توافرها لتوفير البيئة الملائمة للمشروعات الصغيرة أولا التمويل وهذا سيوفره الصندوق الذي سينشأ بموجب القانون، ثانيا يجب ان تكون لدينا بيئة اعمال مناسبة مريحة ومشجعة ومحفزة، فأكثر ما يعانيه شبابنا اليوم هو طول وتعقيد الدورة المستندية والروتين والبيرقراطية، ثالثا هو ما يعالجه برنامج المعهد العربي للتخطيط والذي يتعلق بكيفية بناء القدرات والمهارات الوطنية في مجال المشروعات الصغيرة، فالانخراط في قطاع المشروعات الصغيرة يحتاج لثقافة ومهارات وقدرات لادارة المشروع الصغير ويحتاج للتسكين والحاضنات. البرنامج المقدم من المعهد تم اعداده بالتعاون مع جامعة ميونخ وجامعة ننيانج للتكنولوجيا في سنغافورة وجامعة سنغافورة ولقد ذهبت بنفسي لهذه الجامعات واطلعت على البرامج الشبيهة التي تقدمها تلك الجامعات وهي في الحقيقة برامج متقدمة جدا وفعالة. الهدف من هذا البرنامج هو ان نطور، بالتعاون مع الجامعات والمؤسسات الاكاديمية، في مناهج التعليم والأنشطة المصاحبة ثقافة وفكر المشروعات الصغيرة واهميتها كبديل ثالث امام المواطن بين القطاع العام والقطاع الخاص. لا يمكن ان ندعو الشباب للمشروعات الصغيرة وهم لا يمتلكون القدرات والمهارات اللازمة لادارتها ولذلك قام المعهد بتصميم مجموعة من البرامج التدريبية المكثفة التي تعنى بدورة المشروع منذ ميلاد الفكرة حتى متابعته وادارته. وأود ان أشير الى ان تجربة حاضنات الأعمال في الكويت لم تكن على المستوى المطلوب تحتاج الى تطوير وأتمنى ان يطلع القائمون على الحاضنات على تجارب جامعات كورنيل وميومخ وننيانج. لقد طرحت البرنامج في المجلس الأعلى للتخطيط وتم بحثه والموافقة عليه في لجنة التنمية البشرية واعتمد من قبل المجلس الأعلى للتخطيط وتم اعتماده في الاجتماع المشترك بين الحكومة والمجلس وتم اعتماده والآن نحن بانتظار اتخاذ خطوات اجرائية في تنفيذ القانون لتنفيذ البرنامج بالتعاون مع المؤسسات الوطنية القائمة.